مقدمة عن مرحلة الطفولة والطفل
تعتبر الطفولة من أجمل المراحل التي يعيش بها الإنسان، فهي المرحلة الوحيدة التي لا يتحمل فيها الإنسان أي مسؤولية ولا يمتلك بداخله إلا الحب والعطاء، ولكن لا تعتبر هذه المرحلة سهلة أبدًا لأنها أساس تكوين شخصية الإنسان، فما أنت عليه اليوم هو حصاد ما زرعه والديك فيك في طفولتك، لذلك كن حذرًا بما تقوم بزراعته في أطفالك، سنحاول في مقال اليوم تعريف الطفولة والطفل ونُبين الطرق الصحيحة للتعامل معها.
ما هو تعريف الطفولة والطفل؟
تقسم مرحلة الطفولة إلى عدة أقسام رئيسية ينتقل الطفل من مرحلة إلى أخرى بعد إتقانه لمهارات معينة سواء كانت بدنية أو عقلية أو عاطفية؛ وهذه المراحل هي:
مراحل تنمية الطفل البدنية والعقلية والعاطفية
مرحلة تنمية الطفل حديث الولادة:
تمتد هذه المرحلة من لحظة ولادة الطفل إلى مرحلة إكماله لشهره الأول، يكتسب الطفل في هذه المرحلة مهارة تحريك الرأس إلى الجهتين وتمييز بعض الروائح وخاصة رائحة أمه، كما أنه يتمكن من رؤية بعض الأشكال القريبة والبدء بالتعرف عليها، في هذه المرحلة لا يستطيع الطفل بالقيام بأي ردة فعل إلا بالبكاء، ويحتاج إلى كمية كبيرة من الحب والحنان والاحتواء، ويحصل على جزء كبير منهم عن طريق الرضاعة الطبيعية فلا تحرمي طفلك منها.
مرحلة تنمية الطفل الرضيع:
تمتد هذه المرحلة من عمر الشهر إلى السنة، في هذه المرحلة يبدأ الطفل باكتساب العديد من المهارات منها الجلوس بمفرده وتحريك رأسه وأطرافه، وعند تجاوزه التسعة أشهر يصبح قادرًا على الاستجابة لاسمه ومحاولته بالوقوف، ولكن بوجود مساعدة من أبويه.
في هذه المرحلة يحتاج الطفل إلى كمية كبيرة من الاستيعاب فهو يشعر بمحيطه ولكنه لا يزال عاجزًا عن التفاعل معه إلا من خلال الحركة وبعض الألفاظ المبهمة، لذلك يجدر بالأم تفهّم سبب بكائه والإحساس بطفلها وتقديم المساعدة له.
مرحلة تنمية الطفل حديث المشي:
تمتد هذه المرحلة من عمر السنة إلى الثلاث سنوات، تتميز هذه المرحلة باسم الانطلاق، حيث يكون الطفل مندفعًا بكل نشاطه نحو الحياة فيبدأ بالمشي والقفز في جميع أنحاء نحاء المنزل، وصعود السلم بمفرده وقيامه بالحركات المختلفة كي يُبقي أنظار أمه عليه، فهو بذلك يشعر بالأمان، تعتبر هذه المرحلة رائعة للبدء في تعليم الطفل الحروف والأغاني القصيرة، وتدريبه على مهارات مختلفة، منها صناعة الأشكال بالأوراق ومساعدتك في تنظيف المنزل.
مرحلة تنمية الطفل ما قبل المدرسة:
تكون هذه المرحلة من عمر الثلاث سنوات إلى الخمس سنوات، يكتسب الطفل في هذه المرحلة العديد من المهارات وتتضاعف قوته وقدراته، إذ يصبح قادرًا على الدخول إلى الحمام بمفرده، وارتداء ملابسه والأكل والشرب بنفسه دون الحاجة لأي مساعدة، كما أن قدراته العقلية تتطور بسرعة، إذ يبدأ بحفظ الجمل الطويلة ويتذكر الأحداث ويبدأ بسردها، كما أنه يبدأ باكتشاف مهاراته كالرسم أو اللعب بالكرة أو الجري لمسافات طويلة.
في هذه المرحلة يكون طفلك بحاجة إليك بالرغم من اعتماده على نفسه، فهو بحاجة إلى شريك في اللعب والنشطات، خاصة إذا كان الطفل الأول في العائلة، فلا تتردي في اللعب معه والاستمتاع معه.
مرحلة تنمية الطفل في عمر المدرسة:
تتمثل هذه المرحلة من عمر الست سنوات إلى عمر الثانية عشر، حيث يبدأ الطفل في خوض مرحلة جديدة والخروج من عالم المنزل إلى العالم الخارجي، ويبدأ بالاحتكاك بالأطفال الآخرين واكتساب عاداتهم وصفاتهم، لذلك يجب عليك أن تكوني حذرة وتداومي على مراقبته وتنبيهه.
يبدأ الطفل في هذه المرحلة بالشعور بالمسؤولية إذ يترتب عليه العديد من الواجبات المدرسية، والالتزام في موعد محدد للنوم والاستيقاظ، ويصبح الطفل ثرثارًا إذ يسرد لك أحداث المدرسة وأصدقائه، فكوني شديدة الإنصات له حتى يتعلم اللجوء لك عند تعرضه لأي مشكلة.
مرحلة تنمية المراهقين:
تعتبر هذه المرحلة حاسمة في تشكيل شخصية الطفل، إذ يقضي الطفل أكثر وقته مع الأصدقاء ويبتعد عن التجمعات العائلية، لذلك عليك مراقبته والاستماع له وتوجيهه بطريقة لطيفة حتى لا ينفر الطفل ويبتعد أكثر عن عائلته.
ستلاحظين في هذه المرحلة حدوث تغيرات في جسم الطفل تنقله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، وتكون هذه التغيرات نتيجة لتغير الهرمونات في الجسم، وتبدأ هذه التغيرات بالظهور عند البنات قبل الأولاد.
ما هي أشهر المشاكل في مرحلة الطفولة؟
يعاني الأطفال من مشاكل عديدة في المراحل التي ذكرناها سابقًا، وتختلف المشاكل باختلاف كل مرحلة وغالبًا ما يعبّر الطفل عن مشاكله بالصراخ والبكاء الشديد، ولكن الخطوة الأولى لعلاج هذه المشاكل هي معرفة سبب هذه المشكلة، وحلها بالطريقة الصحيحة، ولا حرج من استشارة المختصين لمعرفة الطريقة الصحيحة والسوية لذلك.
ما هي الطرق الصحيحة للتعامل مع الطفل؟
إياك واتباع أسلوب الضرب في التعامل مع الطفل في أي مرحلة كان من طفولته، لأن الضرب لن يزيد المشكلة إلا سوءًا، وقد أُجريت الكثير من الدراسات التي بينت أن الأشخاص الذين تعرضوا للضرب في صغرهم هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والانتحار في مراحل متقدمة من العمر، لذلك تذكري دائمًا أن الطفل كائن حساس مفعم بالمشاعر لا يفقه من الحياة إلا اللعب، لذلك لا تحاسبيه محاسبة الشخص الواعي، ولا تطلبي منه الالتزام بضوابط لم تزرعيها أنت فيه، فكل سلوك يتبعه الطفل هو نتيجة ما زرعتيه أنت فيه، لذلك لا تحمليه مسؤولية نتائج أفعالك.
استخدمي أسلوب الحوار للتعامل مع طفلك، فبدلًا من توبيخه أو الصراخ عليه نتيجة فعله لخطأٍ ما، قومي بنصحه وإرشاده والاستماع إليه كي لا تبني حواجز بينك وبينه، وتبعديه عن اللجوء إليك وقت الحاجة.
خصّصي بعضًا من وقتك يوميًا للاستماع إلى طفلك وقضاء بعض الوقت معه، وتنفيذ بعض النشاطات التي بوسعها أن تزيد الترابط والتآلف بينكما، والذكاء هنا هو قيامك بنصحه عند طريق سرد قصة ما، أو ذم تصرف قام به أحد الأطفال الآخرين؛ أي لا تجعلي علاقتك بطفلك محدودة بالواجبات والمهام، بل أغلقي هاتفك واستمتعي بقضاء كل الوقت معه.
امدحي أي عمل صغير قام به طفلك، وتوقفي عن توبيخه على أدق التفاصيل، لأن تكرر التوبيخ وإلقاء الملاحظات سيزرع في طفلك أنك تدققي على تصرفاته، وأنه لا يوجد أي سبيل لتفاهمكما، مما يدفعه للابتعاد عن الاحتكاك بك، وقضاء وقته مع أصدقائه أو على الهاتف، بينما عندما تمدحيه أمام الآخرين ستعزّزي ثقته بنفسه، وتدفعيه للقيام بأعمال إضافية ليتلقى المزيد من المدح.
اجعلي لغة الحوار هي الوسيلة لحل المشكلات، وابتعدي تمامًا عن الصراخ، كما أن حوارك مع طفلك سيزيد من ثقته بنفسه ويمنحه الكثير من المعرفة ويستفيد من خبرتك في الحياة، وأكثر الأوقات التي يتطلب الطفل بها الحوار هي مرحلة المراهقة، أما عندما يكون أصغر سنًا تكلمي إليه بلطف وكوني صديقه في اللعب.
لتكن طلباتك معقولة، فأنا اندهش من الأمهات اللواتي يطلبن من أطفالهن أن يلتزموا بالهدوء، وعدم الحركة طوال النهار، فهذا الأمر غير منطقي فأين سيذهب الطفل بطاقاته وقدراته ونشاطه، وإن كبتَ الطفل بهذه الطريقة ستؤدي لإصابته بأمراض نفسية وخيمة في المستقبل، والأمر ذاته ينطبق على الأهل الذين يطلبون من أولادهم الحصول على درجات كاملة في المدرسة، ويوبخونهم على عدم حصولهم عليها، بل الأصح أن تطلب منهم الدراسة بشكل جيد وانتظار النتائج ومراقبة تحسنها.
قومي بتحذير طفلك بأنك ستفرضي عليه عقوبات شديدة إن لم يلتزم بأوامرك، فمثلًا إن لم يقبل أن يتناول البيضة أخبريه أنك ستمنعينه من تناول الحلوى المفضلة لديه، أو إن كان يكتب على الجدران أفخبريه بأنك ستحرميه من اللعب مع الأصدقاء، ولكن انتبهي على المحافظة على هدوءك، وأن تتعاملي مع المواقف بحزم وهدوء.
لا تتراجعي عن كلامك عند تعاملك مع طفلك، لأن هذا الأمر سيفقده ثقته بك، كأن تقومي بوعده باصطحابه للحديقة اذا أنهى واجباته المدرسية، وعندما يقوم بإنهائها لا تقومي باصطحابه، بل عليك أن تكوني على قدر كافٍ من الثقة أمام طفلك وتنفيذ الوعود التي قد قطعتها.
إن تعريف الطفولة والطفل والحديث عنهما هو من أسمى المواضيع وأجملها، ولكن علينا التذكر أن الأطفال هم أمانة في أعناقنا، وأي خطأ أو تقصير يبدر منهم ما هو إلا تقصير وخطأ منا، فلنقوم بمراجعة أنفسنا قبل أن نضع الخطأ عليهم، دمتم وأطفالكم بألف خير.