المحسنات البديعية المعنوية واللفظية في بلاغة اللغة العربية

المحسنات البديعية اللفظية والمعنوية في اللغة العربية

المحسنات البديعية في البلاغة العربية

تعتبر المحسنات البديعية من اهم الأساليب البلاغية التي تسهم في تحسين جودة النصوص الأدبية، سواءً في الشعر أو النثر.

حيث تنقسم المحسنات البديعية إلى نوعين رئيسيين: المحسنات اللفظية والمحسنات المعنوية. يتميز كل نوع منهما بجمالية خاصة تضفي على النصوص رونقًا وبلاغة تزيد من أثرها على المتلقي.

 

ما المقصود بالمحسنات البديعية في علم البلاغة؟


المحسنات البديعية : هي الوسائل التي يستعين بها الأديب لإظهار مشاعره وعواطفه.

 

تعريف المحسنات البديعية اللفظية والمعنوية

المحسنات اللفظية هي تلك التي تعتمد على تحسين جمالية الألفاظ بشكل خاص، من دون الإخلال بالمعنى الأصلي للنص، أما المحسنات المعنوية فهي التي تتعلق بجمال المعنى وتوضيحه بأسلوب بليغ ومؤثر.

 

ماهي انواع المحسنات البديعية ؟

١- محسنات معنوية :


(الطباق - المقابلة - التورية - مراعاة النظير - الالتفات- الإيجاز والإطناب )


٢- محسنات لفظية :


(التصريع- الجناس- الازدواج- حسن التقسيم - السجع )

 

ماهي المحسنات المعنوية؟

المحسنات المعنوية تهتم بجمالية المعنى أكثر من الألفاظ، وتسهم في تحسين النص من حيث الفكرة والمغزى. بعض أنواع المحسنات المعنوية تشمل:

1. الطباق:

 يأتي في الشعر والنثر وهو الجمع بين الكلمة وضدها في الكلام الواحد .
مثال: (لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى)

انواع الطباق 

أ - طباق إيجاب: إذا اجتمع في الجملة الكلمة وعكسها.

مثال: طويل وقصير، حار وبارد ، خير وشر.


ب - طباق سلب: هو أن يجمع بين فعلين (مثبت ومنفي) أو (أمر ونهي)

كقول الله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).
وقوله تعالى :(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن)


2. المقابلة:

 تأتي في الشعر والنثر، وهي أن يؤتى بمعنيين أو أكثر أو جملة، ثم يؤتى بما يقابل (عكس) ذلك على الترتيب.
مثال: (اللهم أعطِ منفقًا خلفًا وأعطِ ممسكًا تلفًا)
وكقول الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث)
الأثر الفني للطباق والمقابلة : تقوية المعنى وإبرازه وإيضاحه وإثارة الانتباه عن طريق ذكر الشيء وضده .

 

3- التورية :

 وتأتي في الشعر والنثر، وهي ذكر كلمة لها معنيان أحدهما قريب ظاهر غير مقصود والآخر بعيد خفي وهو المقصود و المطلوب
مثل :  قول الشبراوي : فقد ردت الأمواج سائله نهراً .
سائله : لها معنيان الأول قريب وهو " سيولة الماء " ، ليس المراد . الثاني بعيد و هو " سائل العطاء " و هو المراد .
نهراً: لها معنيان الأول قريب وهو " نهر النيل " ، ليس المراد .
والثاني بعيد و هو " الزجر والكف " و هو المراد .
• قال حافظ مداعباً شوقي :
يقولون إن الشوق نار ولوعة .. فما بال شوقي اليوم أصبح بارداً
(شوقي) شدة الشوق (شوقي)اسم الشاعر غير مقصود وهو المقصود
• فرد عليه شوقي قائلاً:
وحملت إنسانا وكلبا أمانة .. فضيعها الإنسان والكلب حافظ .
(حافظ) صانها (حافظ) اسم الشاعر
غير مقصود وهو المقصود
• وقال آخر: النهر يشبه مبردا فلأجل ذا يجلوا الصدى
(الصدى) الصدأ (الصدى) العطش
غير مقصود وهو المقصود.
سر جمال التورية : تعمل على جذب الانتباه و إيقاظ الشعور وإثارة الذهن .

 

4-مراعاة النظير:

وتأتي في الشعر والنثر، وهو الجمع بين الشيء وما يناسبه في المعنى بشرط ألا يكونا ضدين
مثل: سناء تقرأ ورانيا تكتب.
مثل قول المتنبي:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
قيمته الفنية: تقوية المعنى ، وتأكيده.

 

5-الالتفات :

هو الانتقال من ضمير إلى ضمير كأن ينتقل من ضمير المتكلم إلى الغائب أو المخاطب والمقصود واحد.
مثل: يقول البارودي : أنا المرء لا يثنيه عن طلب العلا **  نعيم ولا تعدو عليه المقافر.
سر جمال الالتفات: جذب الانتباه وإثارة الذهن ودفع الملل.

 

6- الإطناب والإيجاز:


أولًا (الإيجاز): هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة، مع وفائها بالغرض المقصود و مراعاة الإبانة والإفصاح فيها.
وهو نوعان :
أ - الإيجاز بالحذف :
 وهو حذف كلمة أو جملة أو أكثر مع تمام المعنى .
مثال: (وجاهدوا في الله حق جهاده ) بمعنى: في سبيل الله


ب - الإيجاز بالقصر : وهو تضمين العبارات القصيرة معاني كثيرة من غير حذف .
 مثال : قال تعالى : (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) : العبارة توضح معاني كثيرة تتعلق بالخالق و عظمته و قدرته و وحدانيته .
ثانيًا (الإطناب): هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة. 

   
ومن صور الإطناب :


1-إطناب عن طريق ذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضل الخاص.
مثال : قال تعالى :( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ )
فقد خص الله سبحانه وتعالى الروح بالذكر وهو جبريل مع أنه داخل في عموم الملائكة وذلك تكريمًا له .


2-إطناب عن طريق ذكر العام بعد الخاص لإفادة العموم .
مثال قوله تعالى : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )


3-إطناب عن طريق الاعتراض بالشكر والدعاء .
مثال : وصل أبي - والحمد لله -  من السفر سالمًا .


4-إطناب عن طريق التفصيل بعد الإجمال .
كما جاء في حديث النبي: { بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَإِقَامُ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ , وَحَجُّ الْبَيْتِ , وَصَوْمُ رَمَضَانَ }


5- إطناب عن طريق الترادف .
مثال : القومية العربية ليست طريقًا مبهمًا غامضًا .


6- إطناب عن طريق التكرار.
مثال : قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا

 

المحسنات البديعية اللفظية 


1. الازدواج:

يأتي في النثر فقط، وهو اتفاق الجمل المتتالية في الطول والتركيب والوزن الموسيقي بشرط ألا يوجد اتفاق في الحرف الأخير.
مثل : حبب الله إليك الثبات ، و زيّن في عينيك الإنصاف ، و أذاقك حلاوة التقوى. قيمته الفنية : إحداث رنين موسيقي تطرب له الأذن ويثير الذهن.

 

2-التصريع:

ويأتي في الشعر فقط، وهو تشابه نهاية الشطر الأول مع نهاية الشطر الثاني في البيت الأول
مثال: سكتُّ فغرَّ أعدائي السكوتُ وظنوني لأهلي قد نسيتُ.
سر جماله: يحدث نغماً موسيقياً يطرب الأذن ويثير الانتباه.

 

3- حسن التقسيم

: ويأتي في الشعر فقط، وهو تقسيم البيت إلى جمل متساوية في الطول والإيقاع.
مثال: 
متفرد بصبابتي، متفرد** بكآبتي ،متفرد بعنائي
سر جماله: يحدث نغماً موسيقياً يطرب الأذن ويجذب الانتباه.

 

4-السجع :

ويأتي في النثر فقط وهو توافق الفاصلتينِ في فِقْرتين أو أكثر في الحرف الأخير.
أو هو توافق أواخر فواصل الجمل الكلمة الأخيرة في الفقرة، مثال:
(الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع).
سر جمال السجع : يوقع جرساً موسيقياً يثير النفس وتطرب له الأذن.

 

5- الجناس:


اتفاق أو تشابه كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى ، وهو نوعان:
أ- جناس تام: و هو ما اتفقت فيه الكلمتان في أربعة أمور : ( نوع الحروف- عددها- ترتيبها- ضبطها، مثال : (صليت المغرب في أحد مساجد المغرب) وكقوله تعالى :(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَة) (يقيني بالله يقيني) (أَرْضِهم ما دمت في أَرْضِهم)
ب- جناس ناقص مثل: وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من أربعة أمور : (نوع الحروف- عددها – ترتيبها- ضبطها) مثل:
• الاختلاف في نوع الحروف : كقول أبي فراس الحمداني : من بحر شعرك أغترف وبفضل علمك أعترف
• الاختلاف في عدد الحروف : مثال : إن الهوى هو الهوان
• الاختلاف في الترتيب : كقول أبي تمام : بيض الصفائح لا سود الصحائف
• الاختلاف في الضبط : كقول خليل مطران : يا لها من عَبْرَة للمستهام وعِبْرَة للرائي
سر جمال الجناس : يعطي جرساً موسيقياً تطرب له الأذن الذهن.

 

أهمية المحسنات البديعية في الأدب العربي

تعتبر المحسنات البديعية جزءًا أساسيًا من جماليات الأدب العربي، وتستخدم في تعزيز النصوص الأدبية، سواء في الشعر أو النثر. وقد برع الأدباء والشعراء العرب في استخدام المحسنات البديعية لإبراز أفكارهم وجعل نصوصهم أكثر جاذبية وإقناعًا.

المحسنات اللفظية في الشعر

تستخدم المحسنات اللفظية في الشعر العربي لإضفاء إيقاع موسيقي وتحقيق تناسق في الأبيات. على سبيل المثال، يعد الجناس من أبرز المحسنات التي تُستخدم في الشعر لتأكيد معنى معين أو توضيحه بأسلوب بديع.

المحسنات المعنوية في الخطابة

في الخطابة، تسهم المحسنات المعنوية في إقناع الجمهور وإيصال الفكرة بأسلوب مؤثر، مثل استخدام الاستعارات والتشبيهات التي توضح المعاني وتجعلها أكثر رسوخًا في أذهان المستمعين.

المحسنات البديعية في القرآن الكريم

القرآن الكريم مليء بالمحسنات البديعية، سواءً المعنوية أو اللفظية، التي تضفي على النصوص جمالًا بلاغيًا لا يُضاهى. من أمثلة ذلك:

  • الجناس في قوله تعالى:

    "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة."

  • الطباق في قوله تعالى:

    "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي."

 

تمارين موقع مناهل على مفهوم المحسنات البديعية :

 

 اهتم مناهل بمفهوم المحسنات البديعية اهتماماً كبيراً فجاء بالعديد من المستويات التي تحمل أسئلة شاملة للبحث وتضم أمثلة متنوعة تثري مخزون الطالب بلاغياً، وتجعله متقناً للقاعدة بشكل جيد، وقادراً على حفظ العديد من الأمثلة عليها ، وهذه المستويات هي :

-الطباق : المستوى الأول : اختيار الجملة التي تحتوي على المحسن البديعي.

المستوى الثاني : اختيار كلمتي الطباق في الجملة .

-الجناس: اختيار الجملة التي تحوي على الجناس من ضمن خيارين.

-المقابلة : اختيار الجملة التي تحوي على المقابلة من ضمن خيارين.

-السجع: اختيار الجملة التي تحوي على السجع من ضمن خيارين.

- التورية : المستوى الأول : اختيار الجملة التي تحتوي على المحسن البديعي من ضمن خيارين .

المستوى الثاني: تحديد لفظ التورية في الجملة الواردة.

المستوى الثالث: تحديد لفظ التورية وكتابته.

-الازدواج: اختيار الجملة التي تحتوي على الازدواج من ضمن خيارين.

-مراعاة النظير: اختيار الجملة التي تحتوي على مراعاة النظير من ضمن خيارين.

- الإطناب والإيجاز : اختيار المحسن البديعي في الجملة (إطناب، إيجاز).

-حسن التقسيم : اختيار الجملة التي تحتوي على حسن التقسيم من ضمن خيارين.

 

خلاصة

تعتبر المحسنات البديعية من أهم الأدوات البلاغية التي تعزز جمالية النصوص العربية، سواءً اللفظية منها أو المعنوية. تساعد هذه المحسنات في تحسين النص من حيث اللفظ والمعنى على حد سواء، مما يجعل الأدب العربي غنيًا بالصور البلاغية والأفكار المبدعة.

تسهم الأمثلة التطبيقية واستخدام المحسنات في تعزيز النصوص الأدبية والخطابية، سواءً في الأدب القديم أو الحديث. إن إدراك الأنواع المختلفة للمحسنات البديعية وفهم كيفية توظيفها بشكل صحيح هو مفتاح التميز في الكتابة الأدبية.