الاستعارة التمثيلية تمثل جزءًا أساسيًا من علم البلاغة في اللغة العربية، وهي تساعد في تحسين النصوص الأدبية وإبرازها بصورة تعبيرية قوية. ففي الاستعارة التمثيلية، يتم التصريح بالمشبّه به كصورة متكاملة تُمثِّل مشهدًا أو فكرة مركبة، ما يجعلها أقرب إلى التشبيه التمثيلي مع اختلاف بسيط، حيث يُحذف المشبّه وأداة التشبيه، ويتم إبراز المعنى من خلال الصورة التركيبية فقط.
ما المقصود بالاستعارة التمثيلية في علم البلاغة؟
هي التي يصرح فيها بذكر المشبه به على أن يكون صورة مركبة من أشياء .
والاستعارة التمثيلية قريبة من التشبيه التمثيلي غير أن المشبه فيها محذوف مع أداة التشبيه.
مثال: (من يزرع الشوك يجني الجراح) تم حذف المشبه و أداة التشبيه وتم التصريح بصورة مركبة ألا وهي الإنسان الذي يزرع الشوك فيكون محصوله هو الجراح.
مفهوم الاستعارة التمثيلية
الاستعارة التمثيلية هي استعارة تصريحية تعتمد على صورة مركبة مأخوذة من الواقع أو الخيال. على سبيل المثال، في جملة "من يزرع الشوك يجني الجراح"، نجد أن المشبّه قد حذف وأداة التشبيه أيضًا، وتم الاعتماد على الصورة المرسومة للتعبير عن النتائج السلبية لزرع الشوك.
الاستعارة التمثيلية والتشبيه التمثيلي
تختلف الاستعارة التمثيلية عن التشبيه التمثيلي بكونها تحذف أحد طرفي التشبيه وتترك التركيب الذي يعبر عن المشبه به فقط، ليصبح المشبه ضمنيًا في ذهن القارئ أو المتلقي.
على سبيل المثال، في التعبير "من يزرع الشوك يجني الجراح"
تم حذف المشبه وأداة التشبيه، مع ترك صورة مركبة تعبر عن الفعل ونتيجته بشكل مجازي.
أهمية استخدام الاستعارة التمثيلية في البلاغة
تعطي الاستعارة التمثيلية للنصوص الأدبية عمقًا بلاغيًا من خلال تجسيد المعاني المجردة في صور محسوسة تجذب المتلقي، وتسهل عليه فهم السياق بشكل أوضح.
فهي تعمل على نقل المعاني من مستوى الفهم المباشر إلى مستوى التخيل والارتباط الذهني، مما يزيد من جمالية النص وقوته التعبيرية.
تمارين موقع مناهل أونلاين على مفهوم الاستعارة التمثيلية:
يقوم موقع مناهل بتدريب المتعلمين على التمييز بين أنواع الاستعارة عن طريق مجموعة من التمارين التي تحوي أمثلة منوعة، تجعل الطالب متقناً لفن الاستعارة ومتذوقاً له في الكلام. وجاء السؤال في هذا المفهوم كالتالي: تحديد العبارة التي بها استعارة تمثيلية من ضمن عدة خيارات.
تعريف الاستعارة في اللغة العربية: بين اللغة والاصطلاح
لغةً:
هي رفعُ الشيء وتحويله من مكان إلى آخر
فإذا قلنا: استعرتُ من فلان شيئاً، معناه أني حوَّلتُه من يده إلى يدي
تعني الاستعارة في أصلها "نقل الشيء" من موضع إلى آخر
اصطلاحًا:
واصطلاحاً: هي استعمالُ الكلمة في غير ما وضعَت لها لعلاقةِ المشابهةِ بين المعنَى المنقولِ عنه والمعنِى المستعملِ فيهِ، مع وجود قرينةٍ تصرفه عن إرادةِ المعنَى الأصليِّ ،والاستعارةُ هي تشبيهٌ مختصرٌ، غير أنها أبلغُ منهُ،
كقول الشاعر: "وإذا المنيّة أنشبت أظفارها"؛ فكلمة المنيّة التي تعني الموت والموت لا يوجد له أظافر لكنه شبهها بالوحش الذي يملك أظافر، فحُذِف المُشبَّه به وهو الوحش، وطُبّق بلاغة الاستعارة باستخدامه كلمة لغير ما نستخدمها عادةً
أركان الاستعارة في اللغة العربية
الاستعارة تتألف من عدة عناصر رئيسية تُعرف بـ"أركان الاستعارة"، وهي:
- المستعار منه: ويمثل المشبه به أو الصورة التي ننقلها إلى المشبه.
- المستعار له: ويمثل المشبه أو العنصر الذي نرغب في إبراز صورته بلاغيًا.
- المستعار: وهو اللفظ المستخدم لنقل المعنى إلى صورة جديدة.
- القرينة: وهي الدليل الذي يمنعنا من الفهم الحرفي للمعنى ويقودنا إلى الفهم المجازي.
الفرق بين التشبيه والاستعارة والمجاز اللغوي والكناية
يتمثل الفرق بين هذه الأنواع البلاغية فيما يلي:
- في التشبيه، يجب أن يتوفر طرفاه (المشبه و المشبه به).
- أما في الاستعارة، فيجب أن يتوفر فيها أحد طرفي التشبيه فقط (المشبه و المشبه به) ويكون مصحوباً بقرينه تدل على الجزء المحذوف.
- المجاز اللغوي أعم من الاستعارة، إذ إن كل استعارة هي مجاز، لكن ليس كل مجاز يعتبر استعارة.
ترتبط الاستعارة التمثيلية بشكل وثيق بـالتشبيه، إذ أن التشبيه يعتمد على عدة أركان وأدوات لإبراز الصورة البيانية المراد توصيلها.
تمثل الكناية أسلوبًا بلاغيًا يعتمد على الإيحاء دون تصريح، وتشمل الكناية عن صفة أو نسبة أو موصوف، وتختلف في استخدامها عن الاستعارة من حيث أن المعنى غير مباشر
سر جمال الاستعارة في اللغة العربية:
الاستعارة هي أسلوب بلاغي جمالي يعطي الكلام قوة ويمنحه رونقًا وصورة حسنة متألقة، فهي تطرح لنا المعنى مجسدًا وواضحًا ، مما يزيد من الصور الخيالية البديعة في النفس
- كقول البحتري قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم **طاروا إليه زرافات ووحدانًا
قام الشاعر هنا بتصوير الشر بصورة حيوان مفترس مكشر عن أنيابه ، وهو ما يثير الرعب في النفوس لمجرد تخيل هذه الصورة ، وقد أبدع في تصوير القوم أيضاً حيث جعلهم كالطيور التي تطير لمهاجمة العدو ، وهو ما يثير الإعجاب بشجاعتهم وكأنهم صورًا مرئية ظاهرة أمام العين .
ولذلك فإن الاستعارة من الأساليب البلاغية التي تمنح الكلام قوة ووضوح وتأكيد وسعة خيال وتشخيص.
تساعد الاستعارة التمثيلية، مثل غيرها من الأساليب البلاغية، في تجسيد الأفكار المجردة وتحويلها إلى صور حية، ويُعرف هذا بالتجسيم.
أنواع الاستعارة:
تقسم الاستعارة إلى ثلاثة أنواع:
استعارة تصريحية، واستعارة مكنية ، واستعارة تمثيلية .
وفي هذا المقال سنتناول الحديث عن الاستعارة التمثيلية بالأمثلة الموضحة لها.
الاستعارة التمثيلية :
وهي في الأصل تشبيه تمثيلي حُذف منه المشبه وتم التصريح بالمشبه به ، ويستخدم هذا النوع من الاستعارة بكثرة في الأمثال
- مثل: “لكل جواد كبوة"
فتكون بداية استعارة تركيب لتركيب آخر لتصبح تركيب يتم استخدامه في وضع معين لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي .
أمثلة على الاستعارة التمثيلية
- قول المتنبي: ومن يك ذا فم مر مريض** يجد مرا به الماء الزلالا
يقال لمن لم يكن له ذوق لفهم الشعر الجميل. فالمريض الذي يشعر بمرارة في فمه إذا شرب الماء العذب وجده مراً. ولكن المتنبي لم يستعمله في هذا المعنى بل استعمله في وصف حال الناس الذين يعيبون شعره لعيب في ذوقهم الشعري، وضعف إدراكهم الأدبي.
- وقول الشاعر: ومن ملك البلاد بغير حرب** يهون عليه تسليم البلاد
ويقال هذا فيمن يبعثر ما ورثه عن والديه. فالمعنى الحقيقي للبيت هنا هو أن من يستولي على بلاد ما بغير تعب وقتال يهون عليه إعطاؤها للأعداء.
والشاعر لم يستعمل البيت في هذا المعنى الحقيقي، بل استعمله مجازياً للوارث الذي يبعثر ورثه والديه وذلك لعلاقة مشابهة بينهما ولقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
- لا تنثر الدر أمام الخنازير
يقال لمن يقدّم النصيحة لمن لا يفهمها ولا يعمل بها. لم يستعمل هذا الكلام للدلالة على معناه الحقيقي، وإنما استعمل مجازياً لمن يعطي النصيحة لمن لا يفهمه أو لمن لا يعمل به، لعلاقة مشابهة بينهما. والقرينة منعت من إرادة المعنى الحقيقي.
- قول المتنبي: ومن يجعل الضرغام للصيد بازه** تصيده الضرغام فيما تصيدا
وهذا يمثل التاجر الذي اختار مشرفاً على متجره فسرقه واغتاله. فالمعنى الحقيقي للبيت أن من جعل الأسد وسيلة للصيد افترسه الأسد في جملة ما افترس.
والمتنبي لم يستعمل البيت في هذا المعنى ، وإنما استعمله مجازياً فقصد به التاجر الذي يختار مشرفاً على متجره فينهبه ، لعلاقة مشابهة بين الحالين، ولقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
- قال تعالى: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾
هؤلاء هم اليهود، الذين أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجلاء عن المدينة، فصاروا يخربون بيوتهم قبل أن يخرجوا منها، ولكن هذا التعبير يمكن أن يطلق على كلِّ حالة تماثل الحالة التي قيل فيها لأوّل مرة، كربّ الأُسرة، الذي يبذّر أمواله فيما لا نفع فيه لأسرته، ويترك ما فيه فائدتهم وسعادتهم, فكأنّما صارت العبارة مثلاً يطلق على كل حالة تشبه هذه الحالة، فالتعبير يشبّه حالاً بحال.
- وقال المتنبي: إذا رأيتَ نيُوب الليث بارزةً ** فلا تظنَّنَّ أنّ الليثَ يبتسمُ
فإذا رأيت الأسد مظهراً لأنيابه، فلا تظنَّ أنه يبتسم لك، فلو اعتقدت ذلك، فأنت مقضيٌ عليك، والمعنى هذا نُشبه به حال من يخدعك مظهره عن حقيقة أمره، وعندها يكون استعمال الأسد في مثل هذه الحال مجازاً، وقد نقل التركيب الدال على المشبّه به، إلى المشبّه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والعلاقة بين الطرفين المشابهة، وهي بروز الأنياب لغير الضحك، والقرينة حالية.
- قال الشاعر: أُعلّمه الرِّماية كلَّ يومٍ** فلما اشتدَّ ساعدُه رماني
يقول الشاعر: إنّه يعلّم الرماية بالسهام لمن يتوقع أن يعاونه ويقف إلى جانبه، ولكن ما إنْ يتقن هذا التلميذ الجاحد الرماية حتى وجه سهامه إلى معلمه، ويقال هذا المعنى حينما يريد أن يشبّه حال مَن يأخذ بيد إنسان فيعلمه ويدرّبه على أمور تفيده في حياته، فلا يلبث أن ينقلب عليه مستخدماً ما تعلّمه في الكيد لأُستاذه الذي علمه. والعلاقة بين الطرفين هي المشابهة كما هو واضح.
- روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين)
سار هذا الحديث الشريف مسار الأمثال، فقد شبهت به حال من يخطئ مرة، ويستفيد من هذا الخطأ، فلا يفعله ثانية، بحال المؤمن الذي لدغ مرة من ثعبان مختبئ في حجره فلم يَعُد يقترب من الجحر أو من غيره مرة أخرى، والحديث لا يريد هذا المعنى بل قصد المعنى المجازي الذي بيّناه.
خاتمة
الاستعارة التمثيلية هي من أبرز أساليب البلاغة العربية التي تعبر عن المعاني المجردة بطرق مبتكرة وأسلوب جذاب. تتيح للمتلقي التفاعل مع النص من خلال الصور الذهنية التي تثير الخيال وتترك انطباعًا قويًا.